أزمة الصحف الورقيّة وفلسفة (نط من المركب)

بقلم: حنان عامر

وقتما كشّر الموج عن أنيابه وحلّت غضباته بأتلانتس – السفينة الراسخة – كان ركابها بين أمرين لا ثالث لهما إمّا القفز من على متنها طلبا للنجاة. أو المقاومة – ثقة في السفينة وتاريخها والتعلق بأمل البقاء حتى لو كان أملا ضعيفا أما القبطان فكان همّه مختلفا حيث حاول – بحكم المسئولية – الإبقاء على المارد البحري العظيم الذي أذهل العالم كله وقت إنطلاقته .. استنفر كل طاقاته وخبراته للبحث عن حل لصون الكيان والحفاظ على التاريخ.

3 فصائل أفرزهم صراع الموج من السفينة العظيمة.. فريق القفز السريع بلا متاع وفصيل المقاومة بأمل يتأرجح بين اليأس والرجاء، وقبطان أربكته “الفجأة” وحيّرته الصدمة وانفرط من يديه عقد الحلول، هذا المشهد يذكرني بما آلت إليه الصحف الورقية في هذه الآونة، مؤسسات شامخة ذات تاريخ يمتد لمائة عام أو يزيد وركاب تتباين رتبهم الحياتية بين صحفيين من أصحاب الوجاهة المهنية وعمال بسطاء غلابة، وقبطان يملك الحرفية والمهارة وفنون القيادة.

وسفينة عمل تبحر بثقة وخيلاء وجاء الموج ليبدّل الصورة ويربك المسار، المثير فى قصة أتلانتس الصحفية أن كل فصيل من الفصائل الثلاثة يحمل فى يديه العذر المقبول.. فأصحاب فلسفة “نط من المركب” أعياهم التفكير في أسر تنتظر ريالات التعب وهموم كالسياط تجلد الظهر بلا رحمة لذا آثروا القفز – غصبا – دون التفكير في قارب النجاة.

فيما يحمل فصيل المقاومة العذر الوجيه..  ينتظرون معجزة الثبات ويستدعون الأمل بالدعاء، يحملون للمكان الحب ويحفظون له الذكريات.. يضعفون أحيانا ويصيبهم الإحباط ولكنهم يعملون – فى ذات الوقت – كخليّة النحل التي لا تهدأ.

ومع المقاومة الشرسة يتجلى معدن “الغلابة” من أصحاب المهن البسيطة.. هولاء لاترى إلا بسمات ثغورهم وقت الأزمة لأن بينهم وبين الرحمن ميثاق بسيط “اعمل تؤجر” هذا هو القانون الذي لا تغيره أزمة ولا يبدله طوفان أتلانتس الصحفية لن تغرق حتى ولو قفز من على متنها ألف راكب.. لن تغرق لأن جرس المسئولية بات معلقًا فى رقاب الكل وصناعة الحل أصبح هاجس الجميع.

أتلانتس الصحفية لن تغرق بضمانة الغلابة أصحاب البسمة الجميلة والميثاق القديم، 3 فصائل أفرزتهم أزمة الصحف كما قدمت السفينة العظيمة نفس الوجوه ..فصيل قفز وله العذر.. وفصيل يقاوم وله الشكر .. وقبطان يحاول .. ولله الأمر المعجزة التي ينتظرها الباقون على متن أتلانتس ليست من دروب المستحيل . فمن يدري؟ ربما تلوح فى الأفق بارقة الأمل وربما يطلق المخلصون صافرة الإنقاذ وربما تستقر السفينة بثبات كما استقرت سفينة نوح من قبل على جبل الجودي.

اقرأ أيضًا: رحلة إلى بالي لاستكشاف ثلاثة أرباع جمال الطبيعة

http://www.hawaa-adam.com