الملكة متى تعود؟

بقلم: حنان عامر

لم يعد وصف الملكة الذى أطلقه البعض على “حواء” يليق بكل النساء كما لم يعد ذات الوصف حكرًا على الجميلات صاحبات الطلّة الساحرة والرداء الأنيق، فتجارب الحياة أكدت زيف الأسطـورة التى نسجها الأدباء وصدقتها كل الزوجات حتى بات الوصف رخيصًا يتردد على الألسنة بلا شواهد تؤكده وبلا مواقف حيّة تحميه.

فالكل يتشدق “أنا الملكة” والتاريخ يسخر من الرحلة والمشوار، وفي رأيي إننا نعيش زمنا خلا من الملكات القادرات على صناعة شمس لا تغيب وإقامة كيانات من الحب لا تهزها العواصف ولا تنهار بفعل الخلاف، خلا من القادرات على صون التاريخ وحماية الذكريات وتجديد العمر ورفض النهايات المأساوية، خلا من صانعات الحب الحقيقي والمحاربات للحفاظ عليه حتى لو أدمى
الجهاد الأيادي والأقدام، خلا من حواء التي ترفع قواعد الحب من أجل الحب وتحافظ على العرش حتى ولو اهتزت من حولها الدنيا ولم تثبت و تستقر.

هذه هي الصورة الواضحة فى كادر الحياة العريض.. فالبيوت تُبنى اليوم لتنهدم والأزواج يدخلون عش الزوجية ليس من أجل أن يرسما معًا دنيا الفرح والسعادة بل ليبدأ مارثون التحدي الصعب من يهزم الآخر ومن ينتقم من الشريك؟ خيانة وغدر وهروب وربما قتل ومحاكم تمتلأ بالباكين وبيوت امتلأت بالأثاث الفاخر ولكن ياللأسف خلت من القلوب الجميلة.

الملكات فى رأيي ليس وصفا بل سلوكًا، فكثير من النساء البسيطات اللائي حُرمن من الثقافة والعلم ولم يمنحهن الرحمن جذور أسرية ثريّة ولم يرتدين يومًا الملابس الأنيقة و الجواهر باهظة الثمن يحفظ لهن التاريخ وصف “الملكة” لأنهن صنعن الشمس وتحملن عواصف الزمن وحافظن على البيت والزوج والولد.

هؤلاء هم الأولى بأن تمتد تحت أقدامهن السجادة الحمراء ليخطين عليها خطوات الزهو والفخر والعلياء ويتباهين بالشجرة ورافة الظلال التى بدأوها بذرة صغيرة وتركوها ذات اغصان وأوراق، لا تسألوا الملكة عن ثرائها وردائها ومساحيق جمالها بل اسألوها عن مشوارها كم واجهت وكيف دافعت وتحملت وماهو صنيع أيامها؟
الملكة التى ينشدها ويتمناها كل الرجال غابت.. فمتى تعود؟

http://www.hawaa-adam.com